من يحكم موريتانيا 2029 ؟
هل
تحرص فرنسا على أن يكون حاكم موريتانيا قريبا منها ؛ولا تثق إلا في النخب القادمة من الجيش ؛ وتعتبر الرئيس ولد الغزواني شخصية قيادية يوثق بها رغم رفضه بهدوء لأي تواجد فرنسي عسكري دائم على الأراضي الموريتانية ؛ لما يشكل ذلك من استفزاز للجزائر الشريك الاستراتيجي الأساسي لموريتانيا ؛ كما كان سيعد استفزازا لدول جنوب الصحراء المتمردة على المظلة الفرنسية ( مالي بوركينافاسو النيجر ).
وتتخذ فرنسا من دول كبنين والتوكو وساحل العاج وتشاد مواقع تمركز ونشاط استخباري قريبة من تلك الدول المتمردة على باريس.
هذا إلى جانب بروز بوادر توتر متصاعد بين باريس والسنغال.
لكن باريس لم تتعود أن تدفع الثمن مقابل قرب صانع القرار في انواكشوط منها ؛ فهي تصر على الاستمرار في اللعب بأورواق الضغط والابتزاز الإقليمية والداخلية التقليدية ؛ فلا وجود لاستثمارات فرنسية مهمة في موريتانيا ؛ ولا ارتفاع ملحوظ في الدعم الموجه للتنمية في موريتانيا.
ولقد انتهج الرئيس ولد الغزواني سياسة خارجية لها ثوابت سيادية لا تقبل المساس بها ؛ وتوازن في العلاقات مع الجميع ؛ وحرص على السلام والتنمية والاستقرار .
وترتفع مؤشرات الاهتمام الآمريكي بلعبة الحكم في موريتانيا؛ خاصة بعد ارتفاع مستوى الوفود العسكرية والأمنية الآمريكية لموريتانيا ؛ وهناك دولة خليجية تلعب دورا وظيفيا مهما في ذلك لصالح واشنطن ؛ حسب مؤشرات مبينة لدى المراقبين .
وتطمح هذه الدولة الخليجية لتصعيد رئيس يحمل الجنسية الآمريكية إلى جانب جنسيته الموريتانية وتربطه علاقات وطيدة بمجتمع الاستخبارات الآمريكية ؛ وهو قريب جدا في النسب من شخصية تحمل جنسية تلك الدولة الخليجية وتقود مشروعا “دينيا” من صناعة ترامب.
وقد لا يجد ذلك المرشح “السري” حتى الآن عقبة في دعم فرنسا له .
لكن هذا الخيار الذي يتم تداوله في زاوية ضيقة في عمق النظام ؛ قد لا يلقى قبولا لدى مراكز النفوذ والتأثير ؛ خاصة في المؤسسة العسكرية ولدى النخب الوطنية .
فموريتانيا التي خرجت من كل الخنادق الضيقة وبنت علاقات وطيدة مع كل أطراف الصراع الدولي والعربي والإقليمي ؛ لن تقبل التبعية السياسية لمحور يناقض ثوايتها السياسية والدبلوماسية.
ويتحدث مقربون من الرئيس ولد الغزواني عن خيار آخر قد لايكون مستبعدا وهو نداء يصدر من نخب وكتل سياسية يدعو إلى استفتاء دستوري جديد تتم عبره مراجعة المواد الدستورية لفتح الباب أمام مأمورية ثالثة للرئيس ولد الغزواني ؛ ويبرر أصحاب هذا الطرح رؤيتهم بالقول إن موريتانيا وقد بدأت تصدير غازها وارتفاع مؤشراتها الاقتصادية والتنموية ومع وجود خطط تنموية جادة في ظل حكم الرئيس ولد الغزواني ؛ تحتاج استمرار حكمه في مأمورية ثالثة تكون من7سنوات حسب تعديل دستوري يتم إعداده في العام 2027.
لكن هذا الخيار قد لا يتقبله الرئيس ولد الغزواني لأكثر من سبب موضوعي.
وقد يصعب تسويقه لدى مراكز الثقل السياسي.
خيار تصعيد مدني لا علاقة له بالمؤسسات العسكرية والأمنية ؛ خيار افلاطوني تطرحه بعض الشخصيات والأحزاب المؤدلجة ؛ لكنه إن تم سيعيد موريتانيا لبؤرة ضعف النظام والتجاذب الذي أدى لانقلاب 2008 وماتلاه ؛ فالمدنيون في موريتانيا في هذه المرحلة هم جزء من المعضلة السياسية لا من الحل.
وموريتانيا تجتاج إلى استمرار هيمنة النخب السياسية القادمة من الجيش لأنها أكثر وعيا للمخاطر المحدقة بالبلد ولأن مراكز النفوذ العالمية تثق أكثر فيها.
ولاتوجد حساسية من الرؤساء القادمين من الجيش إلا في العالم الثالث ؛ فقد قامت امريكا وفرنسا والصين وروسيا على قيادة رؤساء مروا بالجيش.
ويرى مختصون في الشأن الموريتاني أن الاستقرار السياسي في موريتانيا خلال العقدين القادمين على الأقل لن يتحقق بدون رؤساء مروا من رحم المؤسسة العسكرية والأمنية.
فأي الخيارات سيكون الأقرب؟
الوقت يمر بسرعة والصراع على خلافة الرئيس ولد الغزواني آخذ في الاحتدام ؛ والصراع الدولي يجتدم على موريتانيا التي ستدخل كمنافس على سوق أوروبا للغاز وللطاقة الخضراء والصلب الأخضر.
إنها مرحلة تحول قد يكون إجماع الحزب الحاكم فيها على مرشح رئاسي واحد صعب جدا ؛ وكذلك إجماع المعارضة على مرشح موحد.
أجيال تتقاعد اضطراريا وأجيال تصعد .
فهل سينجح الرئيس ولد الغزواني في إدارة دفة التحول ؛ وهو الذي نجح إلى حد بعيد في إدارة كل الملفات الحرجة للبلد حتى الآن بدهاء وحكمة
ذلك مانرجو
مركز دعم صناعة القرار الوطني
بقلم الخبير الاستراتيجي عبد الله ولد بونا
7نفمبر20