*إدانة الوزير الأول بتهمة الطموح السياسي وممارسة الصلاحيات الدستورية !
متى تنضج الحملات السياسية في بلدنا؟

إن انتقاد أداء الرئيس وأداء وزيره الأول وحكومته وكذلك انتقاد أداء النخب السياسية موالية كانت أومعارضة ؛ والتعليق على الأداء الإداري تمحيصا وتصحيحا، كل ذلك يعتبر تقليدا ديمقراطيا صحيا لابد من التطبيع معه،فمنه تولد الرؤى السليمة وتتدافع الأفكار خدمة للصالح العام .
فالرئيس ولد الغزواني كررذلك مرارا ومارسه كخطاب رئاسي منتقد لأداء حكومته ؛ داعيا إلى خلع عباءة الروتين وتدني مستوى الأداء.
كما أن الوزير الأول ولد اجاي مارس ذات الخطاب المقر بوجود ثغرات في الأداء الحكومي.
ولكل كامل الحرية في موقفه السياسي ؛ بأن يكون مع أو ضد الرئيس أو مع أوضد وزيره الأول.
لكن الموقف السياسي يكون غير سوي إذا خرج من إطار الوعي إلى تقمص روح العداء الشخصي للرئيس أو لطواقمه الحكومية،عندها يتجاوز الخطاب تناول الأداء إلى ذوات الأشخاص ويمعن في الغوغائية والبذاءة وفراغ المحتوى .
ومن ذلك ما يطالعنا مرارا في خطابات ساذجة تعتبر الطموح السياسي جريمة نكراء معتبرة الصلاحيات الدستورية والقانونية لمراكز القيادة وصناعة القرار جناية مكتملة الأركان ضد الدولة والشعب !
ولعل أبرز عينة من ذلك هو تلك الحملات المستعرة ضد شخص الوزير الأول ولد اجاي فيدينه بعضهم بجريمة الطموح والسعي لحكم موريتانيا عبر صناديق الاقتراع عام 2029؛ والعمل على اكتساب ثقة الرئيس والحزب والجيش والأمن والنخب الفاعلة في الوطن ؛ وليست هذه التهمة إلا شططا متخلفا ؛ فمن حق كل موريتاني أن يطمح لكرسي الرئاسة حسب الدستور والقانون.
وهو من موقعه كوزير أول يتمتع بسلطات كاملة في إدارة الشأن الحكومي كله ؛ وهو محاسب على ذلك أمام الرئيس وأمام البرلمان
فهل يخفي خصوم ولد اجاي دوافع أخرى شخصية خلف هجومهم عليه؟
إنه يضع فعلا وبصورة دستورية وقانونية يده على القوى الناعمة والصلبه في النظام والبلد بثقة منحه إياها رئيس الجمهورية.
وليس موقعه المتقدم في النظام والحكومة( كزره).
فماذا بوسع حساد الرجل عمله غير إثبات تهمة الطموح عليه ؟
نعم قد أختلف مع رئيس الجمهورية في جوانب من قراراته المبنية على حقه الخالص في التقدير وصناعة القرار وقد أختلف مع الوزير الأول في جوانب من نمطه السياسي والإداري ؛ وأقول إن نسقه كسياسي يغلب عليه الصراع والمغالبة ؛ وإن الأداء الحكومي الإداري يحب أن لايسيس ؛ وأعبر عن عدم فاعلية قصة البعثات التي كلفها بجرد احتياجات وأولويات الداخل وأنها بعثات سياسية الهدف منها خلق دعاية للوزير الأول لاغير ؛ فنحن في دولة عمرها 65عاما يعرف كل وكيل حكومي فيها احتياجات كل ولاية ومقاطعة وبلدية وأولوياتها دون الحاجة لأي بعثات ولا استعراض سياسي .
لكن كل ذلك لا يعني أن نقع ضحية لخصوم ولد اجاي السياسيين الذين يحاولون إقناع الرأي العام بأن الطموح السياسي والنجاح في اكتساب ثقة الرئيس جريمة نكراء المتهم فيها ولد اجاي وحده.
ولماذا لا يكونون هم أصحاب طموح وقدرة على كسب ثقة صانع القرار ؟
لاشك أن التحديات كبيرة وأن أمام ولد اجاي مسافة أطول لإثبات ذاته كشخصية وطنية ذات بصمة حقيقية في الإصلاح ؛ لكن التاريخ سيسجل له أنه السياسي المدني الوحيد الذي نجح في اكتساب ثقة رئيسين موريتانيين متعاقبين احتفظ في عهديهما بموقع متقدم رغم الأعاصير السياسية التي أطاحت برجالات يفترض أنهم أقوى وأرسخ جذورا في النظام.
قد لا تكون حظوظه في مستقبل الحكم والنفوذ كبيرة في المدى المتوسط لكنه قد ينجح في عبور كل القناطر السياسية الصعبة كما عبرها من قبل .
والعبرة بالنهايات لا البدايات
ولننتظر لنرى كيف سيتم إصلاح الحزب وكيف سيتشكل رحم الحوار السياسي وكيف ستكون مخرجاته؛ فمرجل السياسة في طور تسخينه وقد يصل أعلى درجات الغليان في العامين المقبلين قبل نضوج طبخته ووضعها في صحون 2029 لأصحاب الحظوة .
بقلم الكاتب والخبير الاستراتيجي عبد الله ولد بونا